منذ نكبة عام 1948، وميس الجبل تعيش على خط النار، شاهدة على محطات متكرّرة من النزوح الجماعي والعودة القسرية. في النكبة، فتحت البلدة أبوابها للفلسطينيين الهاربين من المجازر، لكنها سرعان ما وجدت أبناءها بدورهم يهربون مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية. في عام 1978، مع "عملية الليطاني"، بدأ أول نزوح داخلي منظّم لسكان البلدة، وتكرّر ذلك بشكل أعنف خلال اجتياح 1982، حينما تحوّلت ميس الجبل إلى منطقة تماس مباشر مع الاحتلال، ودفعت ثمنًا باهظًا من دماء أبنائها وبيوتها. لم يكن عام 1996 أرحم، فعدوان "عناقيد الغضب" أجبر العائلات على ترك منازلها مجددًا، تلاه نزوح جماعي جديد عام 2006 خلال حرب تموز التي دمّرت البنى التحتية وأحرقت الحقول.
لكن أخطر موجات النزوح وأكثرها قسوة كانت في خريف عام 2023، مع اندلاع حرب طوفان الأقصى، حيث استُهدفت الأحياء السكنية بشكل مباشر، وهُدمت بيوت على رؤوس أصحابها، ليجد المئات من أهالي البلدة أنفسهم لاجئين في وطنهم للمرة الخامسة أو السادسة. ورغم هذا التاريخ الثقيل، لم تتخلّ ميس الجبل عن وجهها، بل ظلّ سكّانها يعودون مع كل هدنة، حاملين معهم ما تبقّى من الذكرى، ومن الإيمان بأن الأرض لا تُترك، حتى وإن تهدّم السقف فوق رؤوسهم